رواية "دروب الفرار" لـ بنت البحر
شبق الحلم وشرعية الجنون


محمد كمال السخيري
جريدة الصباح


حين يمتص البحر أحلام الوجود وتستبيح الشمس احتراق الروح بلظى الهروب وينتشي الموت بذوبان الجسد، ما عسى يكون موقع الجنون الذاتي داخل متاهات الحيرة ودروب الفرار؟؟

‏أسئلة متداخلة وانفعالات حسية وارتدادات وجدانية لا حسية أقرب إلى البوح المختنق مع كل زفرة جارحة لصدر يضم أوجاعا تراكمت منذ طفولة بعيدة تسكن في ذاكرة مهووسة بالشك والذهول أحيانا وبالرفض والذوبان في الرومانسية أحيانا أخرى، تلك هي بوابات الانتشاء و!لتقصي لدخول عالم الكتابة الروائية لحفظة قارة بيبان (بنت البحر) من خلال ورايتها الأخيرة(دروب الفرار). ومحاولة لتعرية بعض التداعيات والاستدعاءات والمحكيات والمخفيات المستترة بستار الروح الشفاف، تستوجب القراءة (النفسجدية) لهذا العمل الإبداعي التماهي مع تواتر الأحداث وانكسارات الروح واهتراءات الجسد حسب الزمن المتمرد داخل الرواية على خلاف المكان الصامد بل الجامد في أغلب الأحيان، إذ أن الطفولة هي التي أسست مدينة الرفض وحاصرت الذاكرة الجماعية للشخوص عبر كل الأزمنة والانفعالات الإرادية واللاإرادية على حد السواء
‏فحين تبدأ بنت البحر روايتها "دروب الفرار" من لحظة استعداد (شرود) البطلة المتمردة على الوجود المستسلمة للقدر في آن واحد لمغادرة مستشفى الأمراض النفسية و هي تحاول استدعاء ذاكرتها الجريحة لاستقراء الرسوم المنحوتة على جدرانها المهترئة، تراها تحاول خنق حيرتها واسترجاع وعيها المفقود إذ أن كل ما يشدها إلى عالم الجمال والإبداع محقته الأقراص المخدرة لتجول بها في متاهات الغربة والانكسار وتدب في كيانها هواجس الخوف من المجهول وارتجاج سواكن الذكريات الجميلة: "هل يمكن أن يمنح ألعمر حياة أخرى على أنقاض أعوامي الخمسة والعشرين الماضية؟ أم عليّ أن ألغي الوعي والإرادة لألغي الذاكرة وأدمن أقراصي وأستسلم للتيّار؟" ص 21
هكذا استسلمت (شرود) لتروي حكايتها بلسان وجعها المقيت وتنسج سجاد روحها بخيوط عمرها الجريح، فالحلم أكبر من الزمن الذي تحياه والزمن أضيق امتدادا من البحر الذي عشقته، إنه الصراع الأزلي بين، قصيد الحياة ولحن الوجود، هي الحيرة الدائمة المضبّة للتفكير الإنساني وبحثه الدائم عن صيرورة الكون وكنه الخلود في ذاكرة الماضي وأحلام المستقبل، فكلما أصر على النسيان استبد به الوجع حتى الذوبان وكلما حاول التذكر خانته الذكريات الجميلة بين حلكة ليل الضباب وسواد الانتقام من الفشل. "لا يا وجع الماضي! لا تعد! الطريق ما زالت طويلة! والمدينة في الانتظار!" ص 28
‏إنه الخوف من ذوبان الجسد في الروح ومن التيه في أزقة مدينة يلفها الصمت وتصبح فيها الأنثى شمعة سهلة الاحتراق بنار الخشونة وسلطة الذاكرة الجماعية، تلك هي إرهاصات الرفض والصراع اللامنتهي بين اللذة عند عشق الروح والشهوة الأرجوانية للجسد الخائن مع كل ابتسامة فجر جديد أو انفجار يهز الكيان الوجودي، إنه الضيق لحظة الشرود بالذهن إلى فضاء الحقيقة، تلك هي العروس الحزينة. فلا فرق عند الغائص في الأحلام بين جمال الحزن وحزن الجمال إذا انتفى الجسد لتكون الروح ميقات الوجود، إنه الحصار المادي والدمار الذاتي لذا لم تختر أن تكون ولكن قدر لها أن تكون: "والمرأة البدينة تحاصرني في المقصورة الضيقة، تطلي جسد الطفلة الناعمة (بالطفل) المعطر بالعطرشاء، تغمره مرات بالماء الدافئ والزهر، تعد الجسد البكر لوليمة الغد. كنت صامتة ورأسي بعيد. تركت الجسد البكر لهن يعلمنه كل الطقوس" (ص 32). ‏إنها سلطة الموروث على المأمول، تملك الماضي بزمن الحاضر والمستقبل، حين يكون الجسد دمية تتقاذفها أيادي العبث كلعبة يمكن تهشيمها دون معاتبة أو المحافظة عليها دون ثناء. لحظات من التجني والشعور بالقسوة وذبح الروح لا يتحسس خشخشاتها إلا من استكان بعالم الفن والأرواح الذائبة في عالم الجمال الرافضة للقبح ودماء الأبرياء المسكوبة على إسفلت الهزيمة. هكذا هي (شرود) التي حلمت بأن تتعلم العزف على آلة العود وتلحين قصيد الحياة، فقد أحكموا غلق الأبواب وعقد تكّة سروال كسوتها ليلة عرسها حتى لا تكون سهلة الامتصاص كقطعة سكّر أو حبّة عنب تقطر عسلا شهيا. إنه عالم الغرابة والغربة بين السجين والسجن، بين الذبيحة والسكين. كلها دماء تنزف وروح ترشح بالانتظار ولا شيء غير الانتظار: "أحكموا الغلق حتى يوشم الجسد وتوشم الروح" (ص 34). ‏ويتواصل الحصار والغلق ومنع أشعة الشمس من اختراق وجود حائر داخل عتمة قاتمة تخفي داخلها بؤر نور متأججة تبحث عن لحظة هاربة للثورة والانتقام. فكل ما حول هذه الذات الكئيبة يخنقها ويحاصرها، فحتى (البرمقلي) صار ستارا يحجب الحقيقة وحاجزا لعينا لأفق أرحب وإنعاش أجمل. إنها سلطة الجمود الساكن على الروح المتحررة المحلقة بأجنحة الانعتاق من كل القيود لاكتشاف الحقيقة ومعانقة رياح الأمل الآتية من الشمال، فكلما زمجرت الروح هاجت أمواج البحر ونصع بياض زبد الوجود: "عدت للفرجة خلف البرمقلي الذي رجوت قلعه, وإذا به يقف حجابا رائعا يخفى الشهوات السائلة ويحميها، يبارك المدينة العتيقة لتستر حيدا الشهوات وتخفي الأسرار" (ص79-80‏). ‏نعم هو الجسد كتمثال يلبسونه ما أرادوا ويخلعون عنه ما يشتهون بدعوى القيم وقانون المجموعة، فأين الجسد من الروح وأين الروح من ذلك الجسد؟؟
‏تلك هي أوجاع المرأة العربية الضنكى وخاصة المبدعة منها. أحاسيس غريبة وآلام دفينة مازالت محاصرة تستولي عليها أفكار الهزيمة والاستسلام، فالقيم لا تنفي حرية المرأة ولا تقتنص بسمتها ولا تشنق روحها على أسوار اللذة والشهوة المستباحة، فالحب ممنوع والبوح نقمة والإعجاب حرام وحتى الاندهاش جريمة. هكذا تداعت "بنت البحر" بأسلوب شاعري في وصف لحظات رومانسية بين ‏(شرود وخالد) وأصرت على البوح بها بلسان امرأة أقسمت على التمرد منذ البداية مؤكدة بأن للأنثى القدرة على رسم وشائج الروح بأطياف الدم المتقاطر من عيني الرفض المعانق للأجمل والأفضل بكل ما في الحكاية من لحظات الذوبان والانصهار بين الجنسين ومن روعة الوصال بين جسدين وانبجاس روح واحدة لأحاسيسهما المخفية. إنها لحظة من لحظات التجلي لا يعيشها إلا فنان صادق وهب دقات قلبه للزمن حتى يرتب أشياءه المبعثرة وجسده كتمثال يرمز للوجود العنيد: "ظل التمثال يدار، يعرّى يلبس، يعرّى والشمس تميل عن قبّة السماء". ص 50‏
تلك هي حياة الفنان فهو يتسلى مع الآخرين حين يعبثون بجسده ويخنقون دمعه ولكنه سرعان ما يثور على ذاته قبل ثورته على الآخرين، وذلك لأن الفن لا يلقن ولا يدرس ولا يورث وإنما يتدفق مع الدم مع كل خفقة للقلب وكل رعشة وجدانية يحسها ولا يدركها الآخرون، إنه الشيء المخالف. هي الحقيقة المخفية والقمر الضحوك عند انتحاب الثكالى وصراخ اليتامى. هي ضوء المقابر وشموس المدافن وأغنيات الطفولة الضائعة ، هي البرعم الغائض في قمقم الوجدان ينتظر الربيع ليتفتح على خد السماء ذات صباح ممطر يدغدغه حفيف أوراق شجر الزيتون وتسحره ألفة البنفسجة العارية وضحكة الطفلة الخجولة، لذلك استباحت (شرود) في لحظة جنون فنية أن تبيع أقراطها لتشتري (أرغن) تعوض به آلة العود المفقودة وبالتالي تحاول رقع جرح دام منذ الطفولة ولو جزئيا، فربما العزف على الأرغن يكون أفضل من الاستسلام وفي النهاية فهي ستعزف على أوتار حزنها في مداخل روحها المهترئة مساء فتحيا من جديد: "ذكرت قولها مرة: بذور الفن إن وجدت أبدا لن تموت، حتى تشق الأرض وتبزغ، تطلع ولو من بين الصخور" (ص 59 ‏). إنه وعي المرأة الفنانة بوجودها، بكنهها، بحقيقتها، بغربتها واغترابها. هو الصراع الأزلي بين الروح والجسد والبحث المستمر عن حقيقة الأشياء وخاصة اللامادية منها وذلك لأن الذات الإنسانية تعودت على التعلق بالمثالية بعيدا عن الواقع المريب وهروبا من ضجة الغربة وضيق أفق التحليل لكنه المفقود داخل اللاموجود. إنها الرؤية الوجودية المخترقة لعالم الموروث والمكتسب بحثا عن اكتشاف شخصي لمفهوم أحاسيس باطنية ترتدي كساء الظاهر الملوث بإرهاصات الموضوع حسب اختيارات المجموعة وذلك لأن البحث عن الاختلاف هو المعيار الحقيقي للقيمة الإنسانية عموما ولشرعية وجود الفنان وخلوده بصفة خاصة، حيث يستمد من رفضه للظلم والقهر بمختلف أشكالهما المادية واللامادية، فحين تستوي التوهّمات لحظة الاختناق تكون الشهوة أقوى من.إدراك كنه الأشياء ويصبح الحب وهما كاذبا ويمسي الصمت سمّا قاتلا ولا فرق حينها بين الوجود والعدم: ‏"ولكن هل يكفي جسد امرأة يفيض بالإغراء لتكون امرأة بحق؟ أليس الوعي بذلك هو الأهم، حتى لا تصبح مجرد جسد شمعيّ لدمية يسكنها العدم، ينذر بالخراب؟!" ص 105
إن هذا الوعي الخارق بأحقية الجسد في التعبير عن سواكن الروح جعل (شرود) بطلة الرواية ترفض الحمل غير المرغوب فيه وتقرر الإجهاض لأنه باختصار لا يمثل حلمها منذ الطفولة، إذ أن مواصلة الدراسة وتعلم العزف على آلة العود هما الحلم الأزليّ، ولكن رغم ثورتها على الموروث يلاحظ استسلامها له ‏عندما قررت أن تتخلص من الرابط المادي الغريب (الجنين) الذي يربطها بزوجها خالد وكأنها أرادت أن تحافظ على الحس المعنوي الذي انطلق كشعاع البرق مع أول خفقة لقلبها، فرغم استعمالها لأدوية مختلفة للتخلص من الجنين لم تفلح فاستعانت بالحمام الشعبي وحرارته المخنقة فسيطر الموروث الشعبي على الفكر المتحرر وقدم زوجها دليل الإدانة على ذبح الأحلام وضياعها بين بخار الحمام بعيدا عن أسرته حتى لا تتهم زوجته بحمل كاذب بينما تحلم (شرود) بالطيران في أجواء من حرية مفقودة وكسر لقيود أسرت كيانا لم يكتمل أنجب بدوره كيانا منقوصا. إنها غرابة الوجود في اللاوجود والرفض اللامحدود لسجن الأحلام وكبت الروح داخل مدخنة الانتفاء والذوبان ‏في الآخرين:"فكيف أمنح كيانا جديدا والكيان لم يكتمل؟؟ والروح لم تسافر بعد على غيمة اللحن الوردية إلى عالم الإشراق، فكيف توثق الروح؟ وهل تقدر بعد على الرؤيا" (ص 85-86). ويستمر الإصرار على الانفراد بالذات وتحرر الروح من كل قيود خارجية وازدادت حدة الوجع بعد تأزم الأوضاع المحيطة بالبطلة (شرود) داخل وطنها وخارجه وتتالت الأحداث وهي تلتهم يوما فيوما أغصان وجد عششت داخلها وتخرب أعشاش عصافير أحلامها وتهشم مرآة وجودها وعدمها في آن واحد، فالزوج أخذته منها مشاغل العمل ومتاعب الحياة والأخ غاب في الزحام بعد الأحداث الجامعية والوطن الكبير أباح شرفه الاستعمار ورموز الخيانة العربية، ودماء الأبرياء يتوضأ بها الأنذال وطفولة ابنها (زهر) تؤجج حرقتها على طفولتها، والحلم أصبح لعنة تسيح بخيالها في لحظة ضعف فيمسي مصدر متعة وانتشاء. كل الأوطان أصبحت متشابهة والأمومة المعانقة لأحداث الخراب (شهر جانفي) ألفت قاتمة قاتلة والموتى يعانقون البحر بشرف البطولة وكل طفولة تحرم طفولة أخرى من التواصل والثورة. إنه عراء الروح في لحظة انسياب وتداع حر تملك (شرود) وهي تستبيح المحرم لدى الآخرين ولا تعترف إلا بالجسد كحقيقة وحيدة في ألم مشوه، مسخ بالضياع والكذب وخنق طموحات الآخرين، فهي لم تختر اسمها بل اختاره أبوها لأن أمها عاشت لحظات من الشرود لما حملت بها. إنها ضحية الشرود والتيه وفقدان الروح وانهيار الجسد الذي تراها تلتذ بقتله في لحظة تشفّ وعدوانية لكل من لوث ماء روحها: "النار تلهب رأسي... تشبّ من طوق الحديد... ينزل الألم إلى القلب .. يجنّني.. يكفرني... يتصلّب الجسد .. تتوتّر اليدان ... تتيبّسان حول الحضن الضمآن... تضغطان على الألم الحارق..." (ص 210). ‏ولكن هل تصمت الروح على حافة الجنون
أحيانا يكون الجنون قمة الإبداع في البحث عن ذات هاربة أو تعبيرا عن رفض للوجود والالتجاء إلى مهرب، فحريق الوحدة يوقد نار الانتهاء وينبئ بالنهاية والفن هو المطفئ الوحيد للاحتراق الداخلي للكيان الإنساني لمّا تصبح كل مفاتيح الكون أشبه بمغالق للبوابات المترعة على الضفة ألأخرى من الاختيار واستقلاب كينونات أرّقت الجسد منذ الطفولة وذلك لأن الذاكرة المقيّدة تعجز عن الحلم والعاجز عن الحلم عاجز عن الازدهار وبالتالي عن الإثمار، إنها شرعية الإنسان في التواجد والتوارث والبقاء لأجمل الأشياء. واعتبارا لهذه المفاهيم الوجودية المتراصة في ذاكرة مشروخة بأعاصير الزمن نازفة بدماء الاحتضار، رفضت (شرود) أن يكون ابنها (زهر) رمزا لطفولة مقطوعة الجناح، تستدعي طفولة أخرى تفتقر للحلم بالآخر والزمن المختلف وذلك لأنها تعتبر نفسها مازالت غصنا غضّا طريا لم يزه بوجوده في عالم الجمال، فكيف له أن يفرح بزهر يتفتّح من وجدان كسير قبل أن يحيا هو الفرح والبسمة الجريحة ما زالت تنز دمه المستباح؟؟. لذلك لابد من قتل الحلم ‏المؤجل وخنق الأمومة المشوهة والتخلص من الزوج والعودة إلى مهد ‏الطفولة حتى تنفرد بالبحر، ذلك الملجأ الرحب للهروب من قيودها إذ هو ‏رحم ذاتها ونسغ وجودها وقمقم روحها وأزيز ارتجاجها وطفولتها ‏السابحة بين شفتيه المتلمظتين لعطش الكون وكبرياء الفنان كلما عانق ‏الرحيل باختياره أو دون ذلك ليملأ فراغه ويقض مهجة الروح فيه: "رغم ‏الخواء الشاسع داخلها، والفراغ الغائر العميق في الروح والجسد وروائح الأدوية المنتشرة في الكيان تتواتر، وروائح البحر تخمد العنفوان القديم، فقد ظل البحر المهجور تحت المطر يغني لها، وحدها، لا يكفّ عن الغناء" ص 223
‏إذن نلاحظ مما تقدم قدرة الروائية "بنت البحر" على استقراء لحظات إنسانية تعذب الوجدان وتؤرق الكيان ولكنها تخلق من عذاب الوجود عذوبة الانزواء بالذات والبحث عن المختلف، عن الآخر، عن المفقود داخل الحس الإنساني. ولكن لا بد من الإشارة في النهاية إلى أن النفس الشعري لدى الكاتبة يتسلل بوضوح داخل هذا العمل الروائي، ذلك أن شعرية النص تصل بالقارئ إلى مرحلة الإدهاش والإبهار أحيانا وخاصة كلما تعلق الأمر بحالات حسية شعورية متبادلة بين الجنسين لترسم لوحة الجمال الإنساني بريشة الأحلام واللذة الغائصة في الارتواء بعد ظمأ أرّقه هجير عاصفة هوجاء خربت معاني الحب وقتلت شرعية التعبير عن الهروب إلى الذات ووئدت فيه حرية البوح، وبذلك تكون "بنت البحر" قد أباحت استكناه شيء من ذاتها المخفية بعد تعريتها دون إغراء من خلال تقمص (شرود) للكثير من متاعبها وأوجاعها ومشاغلها الفكرية والحسية والفنية على وجه الخصوص حتى يكتسب الجنون شرعية الوجود في زمن يكون فيه الوجود رمزا للجنون والعبث وفوضى الأشياء والبحث الدائم عن الانتماء حتى يولد كيان جديد يؤسس لروح طائرة وجسد مرفرف لا تحجبه سحب الانكسار المعتمة لشبق الحلم وحق الرفض: "عزلتي اخترقها العسس والجواسيس...سرقوها مني!! عروني مني!! من ذاتي ومن جسدي!! ولكن هناك!! يمكن أن أعود، أرتق ذاتي الممزقة، ألفها في قطن العزلة، أعيدها إلى رحم البحر لتولد ‏من صفاء الماء من جديد" (ص 221). ‏إنها قراءة أخرى من زاوية مختلفة لعمل إبداعي يبدو مغايرا إلى حد ما


المرجع: رواية "دروب الفرار" دار سيراس للنشر
الطبعة الأولى 2003
المؤلفة: حفيظة قارة بيبان بنت البحر